تجارة الموسيقى وتطورها على مر العصور-تطور منظومة الربح من الموسيقى




من الصعب أحياناً ألا تستمع إلى موسيقى أو أغاني إلا لو رقصت على إيقاعها. 

حتى أنا، دائماً عندما أستمع إلى موسيقى الريمكس المفضلة لي إذا لم أرقص فيجب أن أهز أصابعي على نغمة الموسيقى. 

لأن الأغاني أو الموسيقى عندما تدخل من الأذن وتدخل للدماغ فينبع إحساس داخلي بأن القدمين يجب عليها التحرك الآن. 

لكن حكم الشرع على استماع الأغاني أو الموسيقى شيء لن ننكره أو لن نختلف عليه وخصوصاً اختلاف الأديان في مصر، لكن محتوانا في هذا البحث هو محتوى تعليمي غرضه المعرفة في الاقتصاد فقط وأرجوا تصفية النية. 

موضوعنا اليوم لن يتحدث عن الموسيقى عامتاً، بل سنتحدث كيف كان المغنى بالفصحى أو مطرب بالعامية يجعل الناس تنتبه لحنجرته الذهبية قديماً وحديثاً وهل يربح من هذه الأصوات قديماً وحديثاً أم لا، فلنسمي بالله (بسم الله الرحمن الرحيم) ونبدأ على بركة الله ولا تنسى الصلاة على حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم-هيا بنا. 

السؤال الأول: كيف بدأت الموسيقى؟ 

الموسيقى هي كلمة أصلها يوناني وهي تعنى الفنون بوجهً عام. 

لكن لو دققنا في التاريخ سنجد أن المصريون القدماء كانوا يبرعون في الموسيقى والغناء حيث النقوش على المعابد تظهر مجموعة من النساء وهي تحمل آلات موسيقى ومنهم امرأة تغنى 

حيث كان المصريون القدماء يستخدمونها أثناء العمل في الزراعة لتشجيع الفلاحين، هذا غير أنها كانت تستخدم للأغراض الدينية في المعابد وايضاً لأغراض جنائزية في مواكب الدفن الملكية. 

الموسيقى في حضارة العراق القديمة-والتي لا تقل عظمة عن حضارة مصر الفرعونية-كانت تستخدم للتعبير عن الهموم والأفكار والمعتقدات، هذا غير أنها كانت تستخدم للطقوس الدينية في المعابد والمناسبات الرسمية وغير الرسمية، لهذا؛ كانت ضمن جدول أعداد الكهنة ورجال الدين وتُدرس في مدرسة المعبد ثلاث سنوات. 

 كلمة موسيقى بالاتينية هى قريبة لكلمة موسيقى فى الإنجليزية (ميوزات) وهى إلاهات الإلهام وبنات زيوس والإلاهات الراعية للفكر والإبداع. 

السؤال الثانى: كيف كانت الموسيقى عند العرب قديماً؟ 

كان الشعر والأدب جزء لا يتجزأ من لسان الشاعر العربى القديم، 

فكان عندما يمل يؤلف شعر عندما يحارب يؤلف شعر عندما يحتضر يؤلف شعر، والدليل على ذلك هو وصية ذو الإصبع العدوانى لإبنه عندما كان على فراش الموت.   

 من خصائص الشعر الفنية فى العصر الجاهلى، توظيف الموسيقى الهادئة والصاخبة حسب موضوعات القصائد 

 فى فترة صدر الإسلام والأموية به مغنيان مشهوران هما (سانب خاثر،عزة الميلاء)  

فى الفترة العباسية، كان هناك مغنى مشهور يدعى (منصور زلزل) 

السؤال الثالث:هل بدأ الربح من الموسيقى فى عصر النهضة الأوربية؟ 

الفونوغراف كان أول اختراع يتيح لك تسجيل الصوتيات فى إسطوانات مدمجة ووضعها على الفونوغراف، فيتم لفه بحكة إبرة تقرأ الشفرات الموجودة فى الإسطوانة لتحولها إلى موجات صوتية تخرج من مكبر صوت يشبه البوق. 

مع إنتشار إختراع الفونوغراف بدأ المغنيون فى الخروج لحفلات موسيقية وكان أغلبها فى المطاعم والمقاهى وتسجيل أصواتهم فى إسطوانات مدمجة ليشتريها الناس منهم وتشغيلها فى الفونوغراف. 

هنا بدأت مراحل الربح من الموسيقى، فكانت هذه الفترة ومع اختراع الفونوغراف كانت تجارة الموسيقى فى ذروتها بشكل متطور، فكان على الناس أولاً تجميع المال لشراء الفونوغراف ثم بعدها شراء الإسطوانات المدمجة من المغنيين كما ذكرنا فوق. 

السؤال الرابع: هل تغير منظومة تجارة الموسيقى فى الفترة الكلاسيكية؟ 

هذا الكلام لا يحتاج إلى البحث عنه فى الوقت الحالى لأنك اذا سألت جدك، جدتك، والدك، والدتك، الأفلام الكلاسيكية، فستجد من حكاياتهم أن نظام التجارة فى الموسيقى والربح منها تغير بشكل واسع، حيث أنها فى هذه الفترة أصبحت متعلقة بالسياحة وإقتصاد الدولة. 

لو نظرنا إلى مغنى الفترة الكلاسيكية على سبيل المثال (أم كلثوم-عبد الحليم حافظ-مايكل جاكسون) فكان المستمعون يدفعون تذاكر الحافلات والقاطرات للذهاب إلى حفلاتهم، ويدفعون تذاكر الحضور للحفلة. 

بمرور الزمن أصبح اختراع الفونوغراف قديم للغاية ويتم نسيانه لحظة بلحظة؛ هذا لأن حمله ثقيل واسطواناته كبيرة الحجم ولا يمكن حمله للإستماع للموسيقى فى أى مكان، فقامت شركة يابانية تدعى (سونى) بإختراع (الوكمان) وهو كما نسميه الأن فى العصر الحديث (مشغل الmp3)، عبارة عن جهاز تضع فيه سماعات رأس ضخمة وشريط تسجيل به الموسيقى التى تريد أن تستمع إليها. 

لكن كيف يمكن للمغنيين الربح من موسيقاهم اذا كان بمقدورك الأن الذهاب فى أى مكان والإستماع إلى موسيقاهم بشكل حر، هنا بدأت فكرة فرق الإنتاج واستوديو التسجيل، مكان يأتى فيه المغنى لتسجيل صوته بميكروفونات، لكن قبلها يجب للمنتج أن يشترى حنجرتك وتعقد معه عقد عمل، يتم تسجيل الموسيقى والتعديل عليها إن أمكن ووضعها فى شرائط تسجيل ثم نسخ هذه الشرائط، ليبدأ مشروع جديد مربح للناس وقتها لكن لفترة محدودة وهو (كشك الشرائط) 

(كشك الشرائط) كانت هى تعتبر منافذ البيع والاستهلاك لبيع شرائط المغنيين للمستهلكين (المستمعين)، كان هذا الكشك يتميز بوجود نسخ لمغنيين محليين، كان هناك نسخ مستوردة لمغيين من الخارج مثل (مايكل جاكسون)، لكن بسبب غلاء الشرائط المستوردة على المستهلكين (المستمعين) فكان يوجد نسخ مقلدة من شركات انتاج تشترى النسخة الأصلية للشريط وتقوم هى بالغناء وتغير نمط النغم مثل ما نسميه نحن حالياً (ريمكس) ويبيعونها بشكل أرخص، أمثال الشركة الهندية المشهورة عالمياً (T-SERIES) التى بدأت أعمالها ببيع الشرائط المقرصنة لتصبح أكبر شركة انتاج موسيقى أصلية فى العالم وتم معرفتها حينما كانت تنافس اليوتيوبر (بيودى باى على من سيصل لل100 مليون مشترك أولاً) 

السؤال الخامس: كيف أثر الإنترنت الحديث على منظومة التجارة فى الموسيقى؟ 

أصبحنا فى عصر السرعة، كانت الفترة التى بدأت فيه ظهور منصات ومواقع انترنت مشهورة مثل (يوتيوب-فيس بوك)، فتغير معها نظام الربح من الموسيقى 180 درجة. 

ظهرت أنواع جديدة من الموسيقى مثل (المهرجانات-الراب-الهيب هوب). 

أصبح هناك ما يدعى ب(الفيديو كليب) 

بعد ظهور اليوتيوب وفكرته كمنصة تنشر فيها فيديوهات وتحصل على المال، أصبح نظام الربح مقتصر ومحتكر فى هذه المنصة، فكانت شركات الإنتاج تقوم بتصوير فيديو كليب للمغنيين ونشره على اليوتيوب وكان الأمر مربح. 

لكن على الجانب الأخر، الأمر لم يكن مربح بما فيه الكفاية لليوتيوب لثلاثة أسباب (فكرة أن يظهر لك إعلان فى أوله فى منتصفه كانت مزعجة بالنسبة للمستمع ولو آخر فيمكن للمستمع أن يغلق الفيديو فكان المستمعين يستعينون بالمواقع لتحويل فيديوهات اليوتيوب إلى ملفات صوتية لتشغيلها على الهاتف فى أى وقت وفى أى مكان وبدون انترنت-كانت الفيديو كليبات قصيرة جداً فالفيديوهات الطويلة مربحة جداً لليوتيوب لأنه يمكنه وضع العديد من الإعلانات-عدم قدرة تشغيل اليوتيوب فى الخلفية أو إغلاق الهاتف)، فكان على اليوتيوب أن يتصرف لحل هذه الأزمة وهنا ظهر لنا مصطلح جديد يدعى (المتاجر الإفتراضية). 

قام اليوتيوب بإطلاق تطبيق (يوتيوب ميوزك)، تطبيق به فيديوهات المحتوى الموسيقي من اليوتيوب الأصلى وصوتيات، لكن نظامه مثل نظام اليوتيوب العادى لم يختلف كما ذكرنا فوق، لكن أضاف اليوتيوب نظام اشتراكى يدعى (يوتيوب بريميوم) هو نظام اشتراك شهرى يلغى كل المشاكل التى ذكرناها فوق، لكن فكرة أن تدفع اشتراك كل شهر للإستماع إلى الموسيقى كان أمر مزعج قليلاً للمستمعين، يعنى فكروا معى الشرائط قديماً كنت تشتريها وتستمع إليها مدى الحياة ولو نزل شريط جديد تشتريه ونفس الموضوع، هذا غير أنه كان قديماً يدفع للمحطات الإذاعية مال من قبل شركة الإنتاج لتشغيل موسيقاهم كى يجذب المستمع إلى شرائه فهذه كانت فرصة للمستمع. 

أصبح لدينا تطبيقين مشهورين هما (ساوند كلاود-سبوتيفى) من بعدهما أصبح المغنى هو المستهلك والمستمع هو المنتج، من هذه التطبيقات كانت فكرة الربح أن يكون هذان التطبيقان مجانيان للمستمعين، وكان على صانع المحتوى أن يدفع اشتراك شهرى للمنصة، ثم تنتظر المنصة أن يحقق صانع المحتوى الشروط اللازمة للربح فتجمع كل الأموال من باقى صناع المحتوى وتعطيه لهذا الصانع، وهذا الأمر منطبق على الباقى. 

أظن أننا وصلنا إلى نهاية المقالة، اسألوا أنفسكم هل يمكن تغير نظام تجارة الموسيقى فى المستقبل أم أننا وصلنا إلى أقصى حد. 

تعليقات