الحروب التجارية: صور من المعارك التجارية

 

المقدمة:

حروب الأعمال هي منافسة بين الشركات للحصول على التسويق والترويج لمنتجاتها. يعتبر التسويق والترويج من أهم العناصر للنجاح في السوق. لذا يعد معرفة أهم الصور لحروب الأعمال مهمة للمستهلكين والمسوقين. يسعى هذا المقال إلى توضيح أهم الاستراتيجيات والتكنولوجيا المستعملة في حرب الأعمال.

1-ماكدونالدز ضد برجركينج:

صراع على من يحصل على عرش البرجر، كل شركة تنافس في من أفضل طعم ولديه أكثر فروع.
بدأ الصراع عندما أرادت ماكدونالدز دخول سوق انجلترا التي كانت تهيمنه برجر كينج، وللصدفة العجيبة تم فتح فرع لماكدونالدز أمام برجر كينج تماماً.
قرر برجر كينج وضع خُطَّة قاسية لمنافسة العلامة التجارية القادمة، وقرروا إغلاق الفرع لمدة 15 يوم بداية من اليوم الذي سيفتتح فيه الفرع الجديد.
هذه الحركة سببت العديد من المشاكل لفرع ماكدونالدز، حيث زاد الضغط من العملاء عليهم، فسبب ظهور العديد من العيوب، ونقص في الكميات، وعندما كانت ستحل ماكدونالدز أزمة الكميات، عاد فرع برجر كينج ليُفتح من جديد، مما سحب العملاء من ماكدونالدز.
منذ هذه اللحظة شُعللت الحرب بين أشهر شركتي برجر في العالم. كل شركة تنشر إعلان ترويجي يمدح منتجاته، ويسخر من منتجات الآخر.

2-بيبسي ضد كوكا كولا:

كل شيئ بدأ عندما قام صيدلي أمريكي يدعى جون ستيث بصنع دواء من الكحول والكوكايين لعلاج السرطان وتلف الأعصاب، وتم تسميتها ب(نبيذ الكوكا الفرنسي)، حتى تم منع الكحول في مدينته أتلانتا فقرر تعويضه بالمياه الغازية والسكر، حتى قام بتأسيس شركة كوكا كولا 1892م لتقديمه فقط كمشروب طبي.
صيدلي أمريكي آخر يدعى كاليب برادهام قام باختراع بيبسي كولا أيضاً كمشروب طبي لتحسين الهضم، تأسست شركة بيبسي كولا سنة 1902م.
كانت كوكا كولا هي المهيمنة في سوق الصودا في الولايات المتحدة وخارجها، وبيبسي انتشرت أيضاً في الولايات المتحدة لكن ليس خارجها. بعد الحرب العالمية الأولى 1914م ارتفعت أسعار السكر وهذه كانت مصيبة بالنسبة لبيبسي بسبب أنها كانت تتمير بالسكر الزائد، تم شراء احتياطات سكر للشركة لكن خفضت الأسعار وبعدها تم إعلان إفلاس الشركة، وأصبحت كوكا كولا هي المهيمنة في سوق الصودا مجدداً.
تم إعلان بيبسي للإفلاس مرة أخرى، حتى قام رجل الأعمال تشارلز غوث صاحب شركة لوفت كاندية طلب من كوكا كولا خَصْم لكى يوزع المشروب بكميات أكبر لكنها رفضت، فقام بشراء شركة بيبسي التي قيمتها السوقية وقتها كان سعرها 35 ألف دولار وقام بتوزيع مشروب بيبسي كولا لفروع شركته.
قام تشارلز غوث بعرض أن يقدم مشروبات بيبسي في زجاجات بنفس سعر كوكا كولا لكن بحجم أكبر، حقق هذا العرض أرباح كثيرة لتشارلز غوث وكانت النقطة الحاسمة لبداية المنافسة بين أقوي شركتي صودا في العالم.
نظام شركة بيبسي في طحن شركة كوكا كولا هى سلاح الدعاية، حيث تقوم بصرف أموال كثيرة على الإعلانات كي تجذب مستهلكين أكثر، وبالطبع كوكا كولا لن تسكت فتقوم هى الأخرى أيضاً بحملات إعلانية لكن ليس بنفس قوة بيبسي.
انتهت الحرب سنة 1996م بخسارة بيبسي عندما فشلت الحملة الدعائية التي قامت بها وقتها، ولم تكن تبدع بأفكار جديدة مثل كوكا كولا، لهذا انتهت حرب الصودا رسمياً بفوز كوكا كولا. مع أنّ أن الشركتين ما زالوا مستمرين في بيع منتجات الصودا وإعلانات، إلا أنها ليست موجهة لغيرها مثل قبل ذلك.

3-حرب التيار:

إذا سألتك عزيزي القارئ عن ما أقدم حرب تجارية قد سمعت أو قد تسمع عنها؟ بالتأكيد ستكون إجابتك في الأغلب هي حرب كوكا كولا وبيبسي، لكن يا عزيزي هذا حرب أي نعم قديمة لكن انتهت حديثاً، لكن ما سأحدثك عنه الآن هو
حرب قديمة وانتهت قديماً.
هناك نوعان من التيار الكهربائي:
تيار مستمر: وهو التيار الذي يسير في خط مستقيم موحد الاتجاه، وليس له أي تردد، ويتسم بأنه يطلق العديد من الطاقة الحرارية لكي يسير لمسافات أبعد.
تيار متردد: هو التيار الذي يغير اتجاهه في فترات زمنية معينة، ومن اسمه فهو يكون ترددات، أقصى قيمة لهذا التردد في أغلب الدول هو 50 هرتز، ويتميز بأنه يمكنك خفض أو رفع جهده لتوصيله لمسافات أبعد.
الجميع يعلم بالطالب الفاشل والعالم الذكي توماس اديسون الذي استطاع تسخير الكهرباء لصناعة المصباح الكهربائي الذي أصبح بديلاً لمصباح الجاز. 
كان توماس اديسون رجل أعمال ناجح، صاحب شركة كهرباء التي تزود نيويورك بها، لكن مشكلة توماس اديسون أنه كان عنيداً، كان يرفض أي تغير أو تطوير للتيار المستمر؛ لأنه كان يظن بأن لا أفضل منه في تزويد المدينة بالكهرباء، وكان يراه مثل النهر الجاري في خط مستقيم.
العالم الفيزيائي المشهور نيكولا تسلا ولد في صربيا التي كانت مضمومة وقتها للإمبراطورية النمساوية، سافر إلى الولايات المتحدة لكي يحقق أحلامه وطموحاته في عرض أفكاره واختراعاته، لكن للأسف كان يبوء بالفشل في ترويج اختراعاته، لهذا كان يبيع اختراعاته وتُنسب هذه الاختراعات لأناسٍ أخرى.
نيكولا تسلا كان من أكبر داعمي فكرة التيار المتردد، وكان يري أنه الأفضل في تزويد الكهرباء عن التيار المستمر، لهذا ذهب إلى توماس اديسون ليعرض فكرته، لكن كما قلنا فوق إن توماس اديسون كان رجل عنيد لفكرة التيار المستمر، فرفض فكرة نيكولا تسلا عن التيار المتردد، فقرر نيكولا تسلا الانتقام.
كانت مشكلة نيكولا تسلا مشكلتين، الأولى أنه فقير على عكس توماس اديسون، والثانية أنه لم يكن بارعاً في الترويج، لهذا قرر الاستعانة بأحد رجال الأعمال (جورج ويستنغ هاوس) صاحب شركة ويستنغ هاوس إلكتريك.
أعجب جورج ويستنغ هاوس بفكرة نيكولا تسلا، فاتفق معه على نوع التيار المتردد ذو التردد 60 هرتز لتقديمه في السوق، وأعطاه بعض المال، ومن هنا بدأت المنافسة الشرسة بين جورج ويستنغ هاوس و توماس اديسون.
في عام 1893م انتهي هذا الحرب بفوز التيار المتردد، عندما كانت هناك مزايدة على من سينير مَعْرِض شيكاغو الدَّوْليّ، وكان الصراع بين شركة اديسون وشركة جورج. الضربة القاضية لجورج أنه زايد بنصف مليون دولار، عندما حاول أتباع شركة اديسون وقتها توفير المبلغ لكي يوفروا النقد الكافي لأسلاك النحاس الطويلة التي يجب أن تكون هكذا لكي يستطيع التيار المستمر السير لمسافات أبعد وبأقل مقاومة، وهذا ما استطاع أتباع شركة جورج توفيره به في المزايدة.
الآن نحن نستخدم في حياتنا اليومية نوعي التيار، لكن يُستخدم التيار المتردد في محطات توليد الكهرباء وتوصيلها إلى مناطق الاستهلاك بسبب قدرته على رفع أو خفض جهده، وبعد وصول التيار المتردد إلى الأجهزة الكهربائية يتم تقويمه كي يتحول إلى تيار موحد الاتجاه لتشغيل الأجهزة.

4-فيرارى ضد لابمورغينى:

هذه القصة تبين لك بأن إذا غرست فكرة ما في دماغ الشخص وأصر عليها، سينفذها حتى لو العالم كله حذره منها.
إنزو فيرارى: متسابق سياراتٍ متقاعد، وصاحب شركة أشهر سيارات السباق في العالم، وعلى الرغم من ذلك يفضل فيرارى العزلة وعدم حضور السباقات حتى لو كانت لسياراته.
فوروتشو لامبورغينى: رجل أعمال شاب بسيط، يصنع الجرارات ومكيفات الهواء ليبيعها، ومهووسٌ كبير بالسيارات.
في يومٍ من الأيام قرر فوروتشو لامبورغينى الذَّهاب لمصنع إنزو فيرارى ليشتكى له عن مشكلة في إحدى سياراته وهى المكابح، حيث حدث كسرُ لها مع لامبورغينى، لم يعجب الكلام فيرارى وقال له بأن العيب ليس في سيارته بل العيب فيه هو لا يعلم القيادة. غضب لامبورغينى لما قال، وبدأت مشاجرة بين الرجلين، حتى قال لامبورغينى شيئ سيغير مجرى حياته للأبد. قرر لامبورغينى أن يأسس امبراطورية السيارات الخاصة به، وعلى الرغم من ضحك فيرارى، وعلى الرغم من تحذير العمال بأنه لن ينجح في منافسة فيرارى، إلا أنه أصر على فكرته وقال كلمة واحدة (سترون جميعاً).
بعد تأسيس المصنع، استطاع لامبورغينى بمساعدة فريقه في تصميم أول نموذج للشركة. مَعْرِض (جينيف) في سويسرا يجتمع الأغنياء لرؤية طرازات السيارات الجديدة وشرائها في مزادات علنية، يعرض لامبورغينى نموذج سيارته الأولى التي تشبه لحدٍ ما سيارة فيرارى، لكن ليس بها سطحٌ مستوٍ منحوتة وبالطبع فخمة ومثيرة للاهتمام. على الجانب الأخر يعرض فيرارى 3 نماذج من سياراته، لكن نموذج لامبورغينى تحقق مبيعاتٍ جيدة بالنسبة لأول نموذج للشركة.
كان لامبورغينى يعلم بأنه لن يستطيعَ منافسة فيرارى في سيارات السباق، لكنه يستطيع منافسته في السيارات التجارية. عام 1969م، فيلم (العمل الإيطالي) (The Italian Job)  يعجب الجَمهور ببطلة الفيلم، من هى؟ ميورا! لا بل سيارة لامبورغينى الفخمة التي تبدو عليها الطراز الإيطالي المثير للاهتمام، تخطف أنظار الجَمهور، وهذه كانت نقطة تحول الصراع بين فيرارى و لامبورغينى حيث ستصبح الصراعات بعد الآن صراعات على الأفلام.
لكن للأسف تنتهى المنافسة قبل عودتها من جديد عام 1973م، عام أزمة النفط والطاقة التى تسببت بها دول الخليج؛ لدعم مصر في حربها ضد الكيان.

5-الخاتمة:

في نهاية هذه المقالة أتمنى أن تكونوا قد استفدتوا واستمتعتوا بالمقالة، أتمنى أن تكونوا بخير في مقالة جديدة بإذن الله، وطلبُ وليس أمر (انظروا قناتي على اليوتيوب لمشاهدة معلومات اقتصادية سريعة مفيدة لو كنت من هواة الاقتصاد)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليقات